بسم الله الرحمن الرحيم
شعبان هو اسم للشهر، وقد سمي بذلك لأن العرب كانوا يتشعبون فيه لطلب المياه، وقيل تشعبهم في الغارات، وقيل لأنه شَعَب أي ظهر بين شهري رجب ورمضان، ويجمع على شعبانات وشعابين.
الصيام في شعبان
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان» [رواه البخاري:1833، ومسلم: 1956]، وقد رجح طائفة من العلماء منهم ابن المبارك وغيره أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يستكمل صيام شعبان، وإنما كان يصوم أكثره، ويشهد له ما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما علمته - تعني النبي صلى الله عليه و سلم- صام شهراً كله إلا رمضان » وفي رواية له أيضاً عنها قالت: «ما رأيته صام شهراً كاملاً منذ قدم المدينة إلا أن يكون رمضان»، وفي الصحيحين عن ابن عباس قال: «ما صام رسول الله صلى الله عليه و سلم شهراً كاملاً غير رمضان» [البخاري:1971، ومسلم:1157]، وكان ابن عباس يكره أن يصوم شهراً كاملاً غير رمضان، قال ابن حجر رحمه الله: " كان صيامه في شعبان تطوعاً أكثر من صيامه فيما سواه وكان يصوم معظم شعبان ".
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، فقال: «ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» [رواه النسائي.. أنظر صحيح الترغيب والترهيب ص425، وفي رواية لأبي داود: 2076] قالت: «كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان»[صححه الألباني أنظر صحيح سنن أبي داوُد:2/461].
قال ابن رجب رحمه الله: " صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم، وأفضل التطوع ما كان قريب من رمضان قبله وبعده، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه ".
وقوله صلى الله عليه و سلم: «شعبان شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان»
يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان - الشهر الحرام وشهر الصيام - اشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولاً عنه، وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان لأن رجب شهر حرام، وليس كذلك.
وفي الحديث السابق إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه.
وفيه دليل على استحباب عِمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، كما كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشائين بالصلاة ويقولون هي ساعة غفلة، ومثل هذا استحباب ذكر الله تعالى في السوق لأنه ذكْر في موطن الغفلة بين أهل الغفلة، وفي إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فوائد منها:
أن يكون أخفى للعمل وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل، لا سيما الصيام فإنه سرّ بين العبد وربه، ولهذا قيل إنه ليس فيه رياء، وكان بعض السلف يصوم سنين عددا لا يعلم به أحد، فكان يخرج من بيته إلى السوق ومعه رغيفان فيتصدق بهما ويصوم، فيظن أهله أنه أكلهما ويظن أهل السوق أنه أكل في بيته، وكان السلف يستحبون لمن صام أن يُظهر ما يخفي به صيامه، فعن ابن مسعود أنه قال: " إذا أصبحتم صياماً فأصبِحوا مدَّهنين "، وقال قتادة: " يستحب للصائم أن يدَّهِن حتى تذهب عنه غبرة الصيام ".
وكذلك فإن العمل الصالح في أوقات الغفلة أشق على النفوس، ومن أسباب أفضلية الأعمال مشقتها على النفوس لأن العمل إذا كثر المشاركون فيه سهُل، وإذا كثرت الغفلات شق ذلك على المتيقظين، وعند مسلم برقم:2984 من حديث معقل بن يسار: " العبادة في الهرْج كالهجرة إلي " أي العبادة في زمن الفتنة؛ لأن الناس يتبعون أهواءهم فيكون المتمسك يقوم بعمل شاق.
وقد اختلف أهل العلم في أسباب كثرة صيامه صلى الله عليه و سلم في شعبان على عدة أقوال:
1- أنه كان يشتغل عن صوم الثلاثة أيام من كل شهر لسفر أو غيره فتجتمع فيقضيها في شعبان وكان النبي صلى الله عليه و سلم إذا عمل بنافلة أثبتها وإذا فاتته قضاها.
2- وقيل إن نساءه كن يقضين ما عليهن من رمضان في شعبان فكان يصوم لذلك، وهذا عكس ما ورد عن عائشة أنها تؤخر قضاء رمضان إلى شعبان لشغلها مع رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الصوم.
3- وقيل لأنه شهر يغفل الناس عنه: وهذا هو الأرجح لحديث أسامة السالف الذكر والذي فيه: «ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان» [رواه النسائي.. أنظر صحيح الترغيب والترهيب ص 425].
وكان إذا دخل شعبان وعليه بقية من صيام تطوع لم يصمه قضاه في شعبان حتى يستكمل نوافله بالصوم قبل دخول رمضان - كما كان إذا فاته سنن الصلاة أو قيام الليل قضاه - فكانت عائشة حينئذ تغتنم قضاءه لنوافله فتقضي ما عليها من فرض رمضان حينئذ لفطرها فيه بالحيض وكانت في غيره من الشهور مشتغلة بالنبي صلى الله عليه و سلم ، فيجب التنبه والتنبيه على أن من بقي عليه شيء من رمضان الماضي فيجب عليه صيامه قبل أن يدخل رمضان القادم ولا يجوز التأخير إلى ما بعد رمضان القادم إلا لضرورة ( مثل العذر المستمر بين الرمضانين )، ومن قدر على القضاء قبل رمضان ولم يفعل فعليه مع القضاء بعده التوبة وإطعام مسكين عن كل يوم، وهو قول مالك والشافعي وأحمد.
وكذلك من فوائد صوم شعبان أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده فيدخل رمضان بقوة ونشاط.
ولما كان شعبان كالمقدّمة لرمضان فإنه يكون فيه شيء مما يكون في رمضان من الصيام وقراءة القرآن والصدقة، وقال سلمة بن سهيل : " كان يقال شهر شعبان شهر القراء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال هذا شهر القراء، وكان عمرو بن قيس المُلائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن ".
الصيام في آخر شعبان
ثبت في الصحيحين عن عمران بن حصين رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه و سلمقال لرجل: «هل صمت من سرر هذا الشهر شيئاً؟ » قال: لا، قال: «فإذا أفطرت فصم يومين» وفي رواية البخاري: أظنه يعني رمضان وفي رواية لمسلم: «هل صمت من سرر شعبان شيئاً؟» [أخرجه البخاري:4/200، ومسلم:1161].
وقد اختلف في تفسير السرار، والمشهور أنه آخر الشهر، يقال سِرار الشهر بكسر السين وبفتحها وقيل إن الفتح أفصح، وسمي آخر الشهر سرار لاستسرار القمر فيه ( أي لاختفائه )، فإن قال قائل قد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه و سلمقال: «لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين، إلا من كان يصوم صوماً فليصمه» [أخرجه البخاري:1983، ومسلم:1082]، فكيف نجمع بين حديث الحثّ وحديث المنع فالجواب: قال كثير من العلماء وأكثر شراح الحديث: إن هذا الرجل الذي سأله النبي صلى الله عليه و سلم كان يعلم أن له عادة بصيامه، أو كان قد نذره فلذلك أمره بقضائه. وقيل في المسألة أقوال أخرى، وخلاصة القول أن صيام آخر شعبان له ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يصومه بنية الرمضانية احتياطا لرمضان، فهذا محرم.
الثاني: أن يصام بنية النذر أو قضاء عن رمضان أو عن كفارة ونحو ذلك، فجوّزه الجمهور.
الثالث: أن يصام بنية التطوع المطلق، فكرهه من أمر بالفصل بين شعبان ورمضان بالفطر؛ منهم الحسن - وإن وافق صوماً كان يصومه - ورخص فيه مالك ومن وافقه، وفرّق الشافعي والأوزاعي وأحمد وغيرهم بين أن يوافق عادة أو لا..
وبالجملة فحديث أبي هريرة - السالف الذكر - هو المعمول به عند كثير من العلماء، وأنه يكره التقدم قبل رمضان بالتطوع بالصيام بيوم أو يومين لمن ليس له به عادة، ولا سبق منه صيام قبل ذلك في شعبان متصلا بآخره. فإن قال قائل لماذا يُكره الصيام قبل رمضان مباشرة ( لغير من له عادة سابقة بالصيام ) فالجواب أنّ ذلك لمعانٍ منها:
أحدها: لئلا يزاد في صيام رمضان ما ليس منه، كما نهي عن صيام يوم العيد لهذا المعنى، حذرا مما وقع فيه أهل الكتاب في صيامهم، فزادوا فيه بآرائهم وأهوائهم.
ولهذا نهي عن صيام يوم الشك، قال عمار من صامه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ، ويوم الشك: هو اليوم الذي يشك فيه هل هو من رمضان أم لا؟ وهو الذي أخبر برؤية هلاله من لم يقبل قوله، وأما يوم الغيم: فمن العلماء من جعله يوم شك ونهى عن صيامه، وهو قول الأكثرين.
المعنى الثاني: الفصل بين صيام الفرض والنفل، فإن جنس الفصل بين الفرائض والنوافل مشروع، ولهذا حرم صيام يوم العيد، ونهى النبي صلى الله عليه و سلم أن توصل صلاة مفروضة بصلاة حتى يفصل بينهما بسلام أو كلام، وخصوصا سنة الفجر قبلها، فإنه يشرع الفصل بينها وبين الفريضة، ولهذا يشرع صلاتها بالبيت والاضطجاع بعدها.
ولما رأى النبي صلى الله عليه و سلم رجلاً يصلي وقد أقيمت صلاة الفجر، فقال له: «الصُّبح أربعاً» [رواه البخاري:663].
وربما ظن بعض الجهال أن الفطر قبل رمضان يراد به اغتنام الأكل؛ لتأخذ النفوس حظها من الشهوات قبل أن تمنع من ذلك بالصيام، وهذا خطأ وجهل ممن ظنه.
والله تعالى أعلم.
موقع الإسلام سؤال وجواب
يتبع ..
---------
ما هو المقصود بالليلة الخاصة الواردة في سورة الدخان
ما هي أهمية الخامس عشر (15) من شعبان، هل هي الليلة التي يقرر فيها مصير كل شخص للعام المقبل ؟
وما هو المقصود بالليلة الخاصة الواردة في سورة الدخان ، هل هي تلك التي في شعبان ، أم أنها ليلة القدر؟.
الحمد لله
ليلة النصف من شعبان كغيرها من الليالي لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن في تلك الليلة يكون تحديد مصير الأشخاص ، أو أقدارهم .
يراجع سؤال رقم 8907 .
أما الليلة الواردة في قول الله تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (3-4) الدخان ، قال ابن جرير الطبري رحمه الله : واختلف أهل التأويل في تلك الليلة ، أي ليلة من ليالي السنة هي . فقال بعضهم هي ليلة القدر ، وعن قتادة أنها ليلة القدر ، وقال آخرون هي ليلة النصف من شعبان ، قال : والصواب في ذلك قول من قال : يعني بها ليلة القدر ، لأن الله جل ثناؤه أخبر أن ذلك كذلك لقوله تعالى : ( إنا كنا منذرين ) تفسير الطبري 11/221 ، وقوله تعالى : ( فيها يُفرق كل أمر حكيم ) : قال ابن حجر في شرحه على صحيح البخاري : وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُقَدَّرُ فِيهَا أَحْكَام تِلْكَ السَّنَة لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) وَبِهِ صَدَّرَ النَّوَوِيُّ كَلامَهُ فَقَالَ : قَالَ الْعُلَمَاءُ سُمِّيَتْ لَيْلَة الْقَدْر لِمَا تَكْتُبُ فِيهَا الْمَلائِكَةُ مِنْ الأَقْدَارِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) وَرَوَاهُ عَبْد الرَّزَّاق وَغَيْره مِنْ الْمُفَسِّرِينَ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَة وَقَتَادَةَ وَغَيْرهمْ , وَقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ : إِنَّمَا جَاءَ ( الْقَدْر ) بِسُكُونِ الدَّال , وَإِنْ كَانَ الشَّائِعُ فِي الْقَدَرِ الَّذِي هُوَ مُؤَاخِي الْقَضَاءِ فَتْحَ الدَّالِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يُرَدْ بِهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ تَفْصِيلُ مَا جَرَى بِهِ الْقَضَاء وَإِظْهَارُهُ وَتَحْدِيدُهُ فِي تِلْكَ السَّنَة لِتَحْصِيلِ مَا يُلْقَى إِلَيْهِمْ فِيهَا مِقْدَارًا بِمِقْدَار .ِ وليلة القدر لها فضل عظيم لمن أحسن فيها العمل واجتهد في العبادة .
قال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(1)وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ(2)لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ(3)تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ(4)سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) وقد جاء في فضل هذه الليلة أحاديث كثيرة ، فمنها ، ما رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) رواه البخاري ( الصوم/1768) والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
هل يكثر الموت في شهر شعبان ؟
هل ورد أثر أن شعبان يكثر فيه قبض الأرواح ؟
الحمد لله
الذي جاء في بعض الآثار أن أسماء من كُتب عليهم الموت في العام كله توحى إلى ملك الموت في شهر شعبان ، ويخبر بأسمائهم في صحائف من عند الله سبحانه وتعالى ، أو أن التقدير السنوي لآجال البشر يكتب في شعبان ، فالموت يقدر في هذا الشهر بحسب ما ورد في هذه الآثار .
لكنها آثار وأحاديث ضعيفة كلها ، فلا ينبغي الاعتماد عليها ، ولا التعويل على ما جاء فيها .
قال القاضي أبو بكر ابن العربي رحمه الله :
"وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يُعوَّلُ عليه ، لا في فضلها ، ولا في نسخ الآجال فيها ، فلا تلتفتوا إليها" انتهى .
"أحكام القرآن" (4/117) .
وقد سبق بيان ذلك ، ونقل كلام أهل العلم في هذا الشأن في جواب السؤال رقم: (8907) ، (49675) ، (49678) .
وننقل هنا - لمزيد فائدة – بعض ما ذكره السيوطي رحمه الله من الآثار المتعلقة بكتابة الآجال في شعبان ، في كتابه "الدر المنثور" (7/401-402) ، ونعقب كل أثر بتعليق يسير .
قال رحمه الله :
" أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق محمد بن سوقة عن عكرمة :
(فيها يفرق كل أمر حكيم) قال : في ليلة النصف من شعبان يبرم أمر السنة ، وينسخ الأحياء من الأموات ، ويكتب الحاج ، فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أحد .
وهذا مخالف للصواب الموافق لتفسير جماهير السلف للآية ، أن المراد بها ليلة القدر ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (11722) .
وأخرج ابن زنجويه والديلمي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان ، حتى إن الرجل لينكح ويولد له وقد خرج اسمه في الموتى) .
ضعفه الشوكاني في "فتح القدير" (4/801) ، وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/6607) : منكر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن يسار قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صياما منه في شعبان ، وذلك أنه ينسخ فيه آجال من ينسخ في السنة .
وهذا مرسل ضعيف .
وأخرج أبو يعلى عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله ، فسألته ؟ قال : (إن الله يكتب فيه كل نفس ميتة تلك السنة ، فأحب أن يأتيني أجلي وأنا صائم) .
رواه أبو يعلى في "المسند" (8/311) وفي سنده سويد بن سعيد الحدثاني ، ومسلم بن خالد الزنجي ، وطريف ، وكل منهم مضعف في كتب التراجم .
وأخرج الدينوري في " المجالسة " عن راشد بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(في ليلة النصف من شعبان يوحي الله إلى ملك الموت بقبض كل نفس يريد قبضها في تلك السنة) .
"المجالسة وجواهر العلم" (ص/206) ، وهو مرسل ، وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (رقم/4019) .
وأخرج ابن جرير والبيهقي في " شعب الإيمان " عن الزهري ، عن عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان ، حتى إن الرجل ينكح ويولد له وقد خرج اسمه في الموتى) .
قال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/6607) : منكر .
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عطاء بن يسار قال : إذا كان ليلة النصف من شعبان دفع إلى ملك الموت صحيفة ، فيقال : اقبض من في هذه الصحيفة . فإن العبد ليفرش الفراش وينكح الأزواج ويبني البنيان وإن اسمه قد نسخ في الموتى .
وهو مجرد قول لعطاء ، ولم يَذْكر له إسناداً .
وأخرج الخطيب وابن النجار عن عائشة رضي الله عنها قالت : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله حتى يصله برمضان ، ولم يكن يصوم شهرا تاما إلا شعبان ، فقلت : يا رسول الله ! إن شعبان لَمِن أحب الشهور إليك أن تصومه ؟ فقال : " نعم يا عائشة ! إنه ليس نفس تموت في سنة إلا كتب أجلها في شعبان ، فأحب أن يكتب أجلي وأنا في عبادة ربي وعمل صالح) .
ولفظ ابن النجار : (يا عائشة ! إنه يكتب فيه ملك الموت من يقبض ، فأحب أن لا ينسخ اسمي إلا وأنا صائم) .
رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" (4/436) وفي إسناده أبو بلال الأشعري ضعفه الدارقطني كما في "ميزان الاعتدال" (4/507) ، وفيه أحمد بن محمد بن حميد المخضوب ، أبو جعفر المقرئ ، قال فيه الدارقطني : ليس بالقوي . فالحديث ضعيف جدا .
والحاصل : أنه لم يصح في كثرة الموت في شعبان حديث صحيح .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
يتبع ..
ليلة النصف من شعبان لا تخصص بالعبادة
قرأت في أحد الكتب أن صيام ليلة النصف من شعبان بدعة من البدع ، و قرأت في مصدر آخر أن من الأيام التي يستحب الصيام فيها ليلة النصف من شعبان … ما الحكم القطعي في ذلك ؟ .
الحمد لله
لم يثبت في فضل ليلة النصف من شعبان خبر صحيح مرفوع يعمل بمثله حتى في الفضائل بل وردت فيها آثار عن بعض التابعين مقطوعة و أحاديث أصحها موضوع أو ضعيف جداً و قد اشتهرت تلك الروايات في كثير من البلاد التي يغمرها الجهل من أنها تكتب فيه الآجال و تنسخ الأعمار … إلخ و على هذا فلا يشرع إحياء تلك الليلة و لا صيام نهارها و لا تخصيصها بعبادة معينة و لا عبرة بكثرة من يفعل ذلك من الجهلة ، و الله أعلم .
الشيخ ابن جبرين
فإذا أراد أن يقوم فيها كما يقوم في غيرها من ليالي العام - دون زيادة عمل ولا اجتهاد إضافي ، ولا تخصيص لها بشيء - فلا بأس بذلك ، وكذلك إذا صام يوم الخامس عشر من شعبان على أنه من الأيام البيض مع الرابع عشر والثالث عشر ، أو لأنه يوم اثنين أو خميس إذا وافق اليوم الخامس عشر يوم اثنين أو خميس فلا بأس بذلك إذا لم يعتقد مزيد فضل أو أجر آخر لم يثبت . والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
هل يصوم يوم النصف من شعبان حتى لو كان الحديث ضعيفاً ؟
هل يجوز بعد العلم بضعف حديث أن نأخذ به ؛ وذلك من باب فضائل الأعمال " إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها " علماً أن الصوم نفلاً في تعبد لله وكذلك قيام الليل .
الحمد لله
أولاً :
ما ورد في فضل الصلاة والصيام والعبادة في النصف من شعبان ليس من قسم الضعيف ، بل هو من قسم الموضوع والباطل ، وهذا لا يحل الأخذ به ولا العمل بمقتضاه لا في فضائل الأعمال ولا في غيرها .
وقد حكم ببطلان الروايات الواردة في ذلك جمعٌ من أهل العلم ، منهم ابن الجوزي في كتابه " الموضوعات " ( 2 / 440 - 445 ) ، وابن قيم الجوزية في " المنار المنيف " رقم 174 – 177 ) ، وأبو شامة الشافعي في " الباعث على إنكار البدع والحوادث " ( 124- 137 ) ، والعراقي في " تخريج إحياء علوم الدين " ( رقم 582) ، وقد نقل شيخُ الإسلام الاتفاق على بطلانها في " مجموع الفتاوى " ( 28 / 138 )
وقال الشيخ ابن باز – رحمه الله - : في " حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان "
إن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها وتخصيص يومها بالصيام : بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم ، وليس له أصل في الشرع المطهر .
وقال – رحمه الله - :
ليلة النصف من شعبان ليس فيها حديث صحيح ، كل الأحاديث الواردة فيها موضوعة وضعيفة لا أصل لها ، وهي ليلة ليس لها خصوصية لا قراءة ولا صلاة خاصة ولا جماعة ، وما قاله بعض العلماء أن لها خصوصية : فهو قول ضعيف ، فلا يجوز أن تُخصَّ بشيءٍ ، هذا هو الصواب ، وبالله التوفيق .
" فتاوى إسلامية " ( 4 / 511 ) .
انظر السؤال رقم ( 8907 )
ثانياً :
وإن سلَّمنا أنها ضعيفة وليست موضوعة : فإن الصحيح من أقوال أهل العلم هو عدم الأخذ بالحديث الضعيف مطلقاً وإن كان في فضائل الأعمال والترغيب والترهيب ، وفي الصحيح ما يغني المسلم عن الأخذ بالضعيف ، ولا يُعرف تخصيص هذه الليلة ونهارها بشيء في الشرع لا عند النبي صلى الله عليه وسلم ولا عند أصحابه .
وقال العلاَّمة أحمد شاكر: لا فرقَ بين الأحكام وبين فضائل الأعمال ونحوها في عدم الأخذ بالرواية الضعيفة ، بل لا حجةَ لأحدٍ إلا بما صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث صحيحٍ أو حسنٍ .
" الباعث الحثيث " ( 1 / 278 ) .
وانظر لزيادة البيان " القول المنيف في حكم العمل بالحديث الضعيف " .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 44877 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل ينزل الله إلى السماء الدنيا في ليلة النصف من شعبان ؟
هل ينزل الله إلى سماء الدنيا في نصف شعبان ويغفر لجميع الناس ما عدا اثنين وهما الكافر ، والآخر المشاحن ؟
الحمد لله
هذا في بعض الأحاديث ، لكن في صحة الحديث كلام لأهل العلم ، ولا يصح في فضل ليلة النصف من شعبان أي حديث .
عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن " . رواه ابن ماجه ( 1390 ) .
والمشاحن هو الذي بينه وبين أخيه عداوة .
وفي " الزوائد " : إسناده ضعيف ؛ لضعف عبد الله بن لهيعة ، وتدليس الوليد بن مسلم .
وفي الحديث اضطراب بينه الدار قطني في " العلل " ( 6 / 50 ، 51 ) وقال عنه : " والحديث غير ثابت " .
وروي من حديث معاذ بن جبل وعائشة وأبي هريرة وأبي ثعلبة الخشني وغيرهم ، ولا تخلو طريق من ضعف ، وبعضها شديد الضعف .
قال ابن رجب الحنبلي :
" وفي فضل ليلة نصف شعبان أحاديث متعددة ، وقد اختُلف فيها ، فضعّفها الأكثرون ، وصحّح ابن حبان بعضها " . " لطائف المعارف " ( 261 ) .
ونزول الله تعالى إلى السماء الدنيا ليس خاصاً بليلة النصف من شعبان ، بل ثبت في الصحيحين وغيرهما نزوله تعالى إلى السماء الدنيا في كل ليلة في الثلث الآخر من الليل ، وليلة النصف من شعبان داخلة في هذا العموم .
ولهذا لما سئل عبد الله بن المبارك عن نزول الله تعالى ليلة النصف من شعبان قال للسائل : " يا ضعيف ! ليلة النصف !؟ ينـزل في كل ليلة " .
رواه أبو عثمان الصابوني في " اعتقاد أهل السنة " ( رقم 92 ) .
وقال العقيلي – رحمه الله - :
وفي النزول في ليلة النصف من شعبان أحاديث فيها لين ، والرواية في النزول كل ليلة أحاديث ثابتة صحيحة ، فليلة النصف من شعبان داخلة فيها إن شاء الله .
" الضعفاء " ( 3 / 29 ) .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 8907 ) .
ويوجد في الموقع مقالة للشيخ ابن باز رحمه الله في حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان وهي موجودة في : قسم " مواضيع خاصة بالمناسبات " في الموقع .
الإسلام سؤال وجواب
الموضوع من تجميعي ..
إن وفقت فمن الله تعالى وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان
لا أحلل ولا أبيح النقل دون ذكر المصدر
شعبان هو اسم للشهر، وقد سمي بذلك لأن العرب كانوا يتشعبون فيه لطلب المياه، وقيل تشعبهم في الغارات، وقيل لأنه شَعَب أي ظهر بين شهري رجب ورمضان، ويجمع على شعبانات وشعابين.
الصيام في شعبان
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان» [رواه البخاري:1833، ومسلم: 1956]، وقد رجح طائفة من العلماء منهم ابن المبارك وغيره أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يستكمل صيام شعبان، وإنما كان يصوم أكثره، ويشهد له ما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما علمته - تعني النبي صلى الله عليه و سلم- صام شهراً كله إلا رمضان » وفي رواية له أيضاً عنها قالت: «ما رأيته صام شهراً كاملاً منذ قدم المدينة إلا أن يكون رمضان»، وفي الصحيحين عن ابن عباس قال: «ما صام رسول الله صلى الله عليه و سلم شهراً كاملاً غير رمضان» [البخاري:1971، ومسلم:1157]، وكان ابن عباس يكره أن يصوم شهراً كاملاً غير رمضان، قال ابن حجر رحمه الله: " كان صيامه في شعبان تطوعاً أكثر من صيامه فيما سواه وكان يصوم معظم شعبان ".
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، فقال: «ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» [رواه النسائي.. أنظر صحيح الترغيب والترهيب ص425، وفي رواية لأبي داود: 2076] قالت: «كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان»[صححه الألباني أنظر صحيح سنن أبي داوُد:2/461].
قال ابن رجب رحمه الله: " صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم، وأفضل التطوع ما كان قريب من رمضان قبله وبعده، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه ".
وقوله صلى الله عليه و سلم: «شعبان شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان»
يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان - الشهر الحرام وشهر الصيام - اشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولاً عنه، وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان لأن رجب شهر حرام، وليس كذلك.
وفي الحديث السابق إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه.
وفيه دليل على استحباب عِمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، كما كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشائين بالصلاة ويقولون هي ساعة غفلة، ومثل هذا استحباب ذكر الله تعالى في السوق لأنه ذكْر في موطن الغفلة بين أهل الغفلة، وفي إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فوائد منها:
أن يكون أخفى للعمل وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل، لا سيما الصيام فإنه سرّ بين العبد وربه، ولهذا قيل إنه ليس فيه رياء، وكان بعض السلف يصوم سنين عددا لا يعلم به أحد، فكان يخرج من بيته إلى السوق ومعه رغيفان فيتصدق بهما ويصوم، فيظن أهله أنه أكلهما ويظن أهل السوق أنه أكل في بيته، وكان السلف يستحبون لمن صام أن يُظهر ما يخفي به صيامه، فعن ابن مسعود أنه قال: " إذا أصبحتم صياماً فأصبِحوا مدَّهنين "، وقال قتادة: " يستحب للصائم أن يدَّهِن حتى تذهب عنه غبرة الصيام ".
وكذلك فإن العمل الصالح في أوقات الغفلة أشق على النفوس، ومن أسباب أفضلية الأعمال مشقتها على النفوس لأن العمل إذا كثر المشاركون فيه سهُل، وإذا كثرت الغفلات شق ذلك على المتيقظين، وعند مسلم برقم:2984 من حديث معقل بن يسار: " العبادة في الهرْج كالهجرة إلي " أي العبادة في زمن الفتنة؛ لأن الناس يتبعون أهواءهم فيكون المتمسك يقوم بعمل شاق.
وقد اختلف أهل العلم في أسباب كثرة صيامه صلى الله عليه و سلم في شعبان على عدة أقوال:
1- أنه كان يشتغل عن صوم الثلاثة أيام من كل شهر لسفر أو غيره فتجتمع فيقضيها في شعبان وكان النبي صلى الله عليه و سلم إذا عمل بنافلة أثبتها وإذا فاتته قضاها.
2- وقيل إن نساءه كن يقضين ما عليهن من رمضان في شعبان فكان يصوم لذلك، وهذا عكس ما ورد عن عائشة أنها تؤخر قضاء رمضان إلى شعبان لشغلها مع رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الصوم.
3- وقيل لأنه شهر يغفل الناس عنه: وهذا هو الأرجح لحديث أسامة السالف الذكر والذي فيه: «ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان» [رواه النسائي.. أنظر صحيح الترغيب والترهيب ص 425].
وكان إذا دخل شعبان وعليه بقية من صيام تطوع لم يصمه قضاه في شعبان حتى يستكمل نوافله بالصوم قبل دخول رمضان - كما كان إذا فاته سنن الصلاة أو قيام الليل قضاه - فكانت عائشة حينئذ تغتنم قضاءه لنوافله فتقضي ما عليها من فرض رمضان حينئذ لفطرها فيه بالحيض وكانت في غيره من الشهور مشتغلة بالنبي صلى الله عليه و سلم ، فيجب التنبه والتنبيه على أن من بقي عليه شيء من رمضان الماضي فيجب عليه صيامه قبل أن يدخل رمضان القادم ولا يجوز التأخير إلى ما بعد رمضان القادم إلا لضرورة ( مثل العذر المستمر بين الرمضانين )، ومن قدر على القضاء قبل رمضان ولم يفعل فعليه مع القضاء بعده التوبة وإطعام مسكين عن كل يوم، وهو قول مالك والشافعي وأحمد.
وكذلك من فوائد صوم شعبان أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده فيدخل رمضان بقوة ونشاط.
ولما كان شعبان كالمقدّمة لرمضان فإنه يكون فيه شيء مما يكون في رمضان من الصيام وقراءة القرآن والصدقة، وقال سلمة بن سهيل : " كان يقال شهر شعبان شهر القراء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال هذا شهر القراء، وكان عمرو بن قيس المُلائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن ".
الصيام في آخر شعبان
ثبت في الصحيحين عن عمران بن حصين رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه و سلمقال لرجل: «هل صمت من سرر هذا الشهر شيئاً؟ » قال: لا، قال: «فإذا أفطرت فصم يومين» وفي رواية البخاري: أظنه يعني رمضان وفي رواية لمسلم: «هل صمت من سرر شعبان شيئاً؟» [أخرجه البخاري:4/200، ومسلم:1161].
وقد اختلف في تفسير السرار، والمشهور أنه آخر الشهر، يقال سِرار الشهر بكسر السين وبفتحها وقيل إن الفتح أفصح، وسمي آخر الشهر سرار لاستسرار القمر فيه ( أي لاختفائه )، فإن قال قائل قد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه و سلمقال: «لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين، إلا من كان يصوم صوماً فليصمه» [أخرجه البخاري:1983، ومسلم:1082]، فكيف نجمع بين حديث الحثّ وحديث المنع فالجواب: قال كثير من العلماء وأكثر شراح الحديث: إن هذا الرجل الذي سأله النبي صلى الله عليه و سلم كان يعلم أن له عادة بصيامه، أو كان قد نذره فلذلك أمره بقضائه. وقيل في المسألة أقوال أخرى، وخلاصة القول أن صيام آخر شعبان له ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يصومه بنية الرمضانية احتياطا لرمضان، فهذا محرم.
الثاني: أن يصام بنية النذر أو قضاء عن رمضان أو عن كفارة ونحو ذلك، فجوّزه الجمهور.
الثالث: أن يصام بنية التطوع المطلق، فكرهه من أمر بالفصل بين شعبان ورمضان بالفطر؛ منهم الحسن - وإن وافق صوماً كان يصومه - ورخص فيه مالك ومن وافقه، وفرّق الشافعي والأوزاعي وأحمد وغيرهم بين أن يوافق عادة أو لا..
وبالجملة فحديث أبي هريرة - السالف الذكر - هو المعمول به عند كثير من العلماء، وأنه يكره التقدم قبل رمضان بالتطوع بالصيام بيوم أو يومين لمن ليس له به عادة، ولا سبق منه صيام قبل ذلك في شعبان متصلا بآخره. فإن قال قائل لماذا يُكره الصيام قبل رمضان مباشرة ( لغير من له عادة سابقة بالصيام ) فالجواب أنّ ذلك لمعانٍ منها:
أحدها: لئلا يزاد في صيام رمضان ما ليس منه، كما نهي عن صيام يوم العيد لهذا المعنى، حذرا مما وقع فيه أهل الكتاب في صيامهم، فزادوا فيه بآرائهم وأهوائهم.
ولهذا نهي عن صيام يوم الشك، قال عمار من صامه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ، ويوم الشك: هو اليوم الذي يشك فيه هل هو من رمضان أم لا؟ وهو الذي أخبر برؤية هلاله من لم يقبل قوله، وأما يوم الغيم: فمن العلماء من جعله يوم شك ونهى عن صيامه، وهو قول الأكثرين.
المعنى الثاني: الفصل بين صيام الفرض والنفل، فإن جنس الفصل بين الفرائض والنوافل مشروع، ولهذا حرم صيام يوم العيد، ونهى النبي صلى الله عليه و سلم أن توصل صلاة مفروضة بصلاة حتى يفصل بينهما بسلام أو كلام، وخصوصا سنة الفجر قبلها، فإنه يشرع الفصل بينها وبين الفريضة، ولهذا يشرع صلاتها بالبيت والاضطجاع بعدها.
ولما رأى النبي صلى الله عليه و سلم رجلاً يصلي وقد أقيمت صلاة الفجر، فقال له: «الصُّبح أربعاً» [رواه البخاري:663].
وربما ظن بعض الجهال أن الفطر قبل رمضان يراد به اغتنام الأكل؛ لتأخذ النفوس حظها من الشهوات قبل أن تمنع من ذلك بالصيام، وهذا خطأ وجهل ممن ظنه.
والله تعالى أعلم.
موقع الإسلام سؤال وجواب
يتبع ..
---------
ما هو المقصود بالليلة الخاصة الواردة في سورة الدخان
ما هي أهمية الخامس عشر (15) من شعبان، هل هي الليلة التي يقرر فيها مصير كل شخص للعام المقبل ؟
وما هو المقصود بالليلة الخاصة الواردة في سورة الدخان ، هل هي تلك التي في شعبان ، أم أنها ليلة القدر؟.
الحمد لله
ليلة النصف من شعبان كغيرها من الليالي لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن في تلك الليلة يكون تحديد مصير الأشخاص ، أو أقدارهم .
يراجع سؤال رقم 8907 .
أما الليلة الواردة في قول الله تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (3-4) الدخان ، قال ابن جرير الطبري رحمه الله : واختلف أهل التأويل في تلك الليلة ، أي ليلة من ليالي السنة هي . فقال بعضهم هي ليلة القدر ، وعن قتادة أنها ليلة القدر ، وقال آخرون هي ليلة النصف من شعبان ، قال : والصواب في ذلك قول من قال : يعني بها ليلة القدر ، لأن الله جل ثناؤه أخبر أن ذلك كذلك لقوله تعالى : ( إنا كنا منذرين ) تفسير الطبري 11/221 ، وقوله تعالى : ( فيها يُفرق كل أمر حكيم ) : قال ابن حجر في شرحه على صحيح البخاري : وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُقَدَّرُ فِيهَا أَحْكَام تِلْكَ السَّنَة لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) وَبِهِ صَدَّرَ النَّوَوِيُّ كَلامَهُ فَقَالَ : قَالَ الْعُلَمَاءُ سُمِّيَتْ لَيْلَة الْقَدْر لِمَا تَكْتُبُ فِيهَا الْمَلائِكَةُ مِنْ الأَقْدَارِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) وَرَوَاهُ عَبْد الرَّزَّاق وَغَيْره مِنْ الْمُفَسِّرِينَ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَة وَقَتَادَةَ وَغَيْرهمْ , وَقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ : إِنَّمَا جَاءَ ( الْقَدْر ) بِسُكُونِ الدَّال , وَإِنْ كَانَ الشَّائِعُ فِي الْقَدَرِ الَّذِي هُوَ مُؤَاخِي الْقَضَاءِ فَتْحَ الدَّالِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يُرَدْ بِهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ تَفْصِيلُ مَا جَرَى بِهِ الْقَضَاء وَإِظْهَارُهُ وَتَحْدِيدُهُ فِي تِلْكَ السَّنَة لِتَحْصِيلِ مَا يُلْقَى إِلَيْهِمْ فِيهَا مِقْدَارًا بِمِقْدَار .ِ وليلة القدر لها فضل عظيم لمن أحسن فيها العمل واجتهد في العبادة .
قال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(1)وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ(2)لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ(3)تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ(4)سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) وقد جاء في فضل هذه الليلة أحاديث كثيرة ، فمنها ، ما رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) رواه البخاري ( الصوم/1768) والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
هل يكثر الموت في شهر شعبان ؟
هل ورد أثر أن شعبان يكثر فيه قبض الأرواح ؟
الحمد لله
الذي جاء في بعض الآثار أن أسماء من كُتب عليهم الموت في العام كله توحى إلى ملك الموت في شهر شعبان ، ويخبر بأسمائهم في صحائف من عند الله سبحانه وتعالى ، أو أن التقدير السنوي لآجال البشر يكتب في شعبان ، فالموت يقدر في هذا الشهر بحسب ما ورد في هذه الآثار .
لكنها آثار وأحاديث ضعيفة كلها ، فلا ينبغي الاعتماد عليها ، ولا التعويل على ما جاء فيها .
قال القاضي أبو بكر ابن العربي رحمه الله :
"وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يُعوَّلُ عليه ، لا في فضلها ، ولا في نسخ الآجال فيها ، فلا تلتفتوا إليها" انتهى .
"أحكام القرآن" (4/117) .
وقد سبق بيان ذلك ، ونقل كلام أهل العلم في هذا الشأن في جواب السؤال رقم: (8907) ، (49675) ، (49678) .
وننقل هنا - لمزيد فائدة – بعض ما ذكره السيوطي رحمه الله من الآثار المتعلقة بكتابة الآجال في شعبان ، في كتابه "الدر المنثور" (7/401-402) ، ونعقب كل أثر بتعليق يسير .
قال رحمه الله :
" أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق محمد بن سوقة عن عكرمة :
(فيها يفرق كل أمر حكيم) قال : في ليلة النصف من شعبان يبرم أمر السنة ، وينسخ الأحياء من الأموات ، ويكتب الحاج ، فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أحد .
وهذا مخالف للصواب الموافق لتفسير جماهير السلف للآية ، أن المراد بها ليلة القدر ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (11722) .
وأخرج ابن زنجويه والديلمي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان ، حتى إن الرجل لينكح ويولد له وقد خرج اسمه في الموتى) .
ضعفه الشوكاني في "فتح القدير" (4/801) ، وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/6607) : منكر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن يسار قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صياما منه في شعبان ، وذلك أنه ينسخ فيه آجال من ينسخ في السنة .
وهذا مرسل ضعيف .
وأخرج أبو يعلى عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله ، فسألته ؟ قال : (إن الله يكتب فيه كل نفس ميتة تلك السنة ، فأحب أن يأتيني أجلي وأنا صائم) .
رواه أبو يعلى في "المسند" (8/311) وفي سنده سويد بن سعيد الحدثاني ، ومسلم بن خالد الزنجي ، وطريف ، وكل منهم مضعف في كتب التراجم .
وأخرج الدينوري في " المجالسة " عن راشد بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(في ليلة النصف من شعبان يوحي الله إلى ملك الموت بقبض كل نفس يريد قبضها في تلك السنة) .
"المجالسة وجواهر العلم" (ص/206) ، وهو مرسل ، وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (رقم/4019) .
وأخرج ابن جرير والبيهقي في " شعب الإيمان " عن الزهري ، عن عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان ، حتى إن الرجل ينكح ويولد له وقد خرج اسمه في الموتى) .
قال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/6607) : منكر .
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عطاء بن يسار قال : إذا كان ليلة النصف من شعبان دفع إلى ملك الموت صحيفة ، فيقال : اقبض من في هذه الصحيفة . فإن العبد ليفرش الفراش وينكح الأزواج ويبني البنيان وإن اسمه قد نسخ في الموتى .
وهو مجرد قول لعطاء ، ولم يَذْكر له إسناداً .
وأخرج الخطيب وابن النجار عن عائشة رضي الله عنها قالت : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله حتى يصله برمضان ، ولم يكن يصوم شهرا تاما إلا شعبان ، فقلت : يا رسول الله ! إن شعبان لَمِن أحب الشهور إليك أن تصومه ؟ فقال : " نعم يا عائشة ! إنه ليس نفس تموت في سنة إلا كتب أجلها في شعبان ، فأحب أن يكتب أجلي وأنا في عبادة ربي وعمل صالح) .
ولفظ ابن النجار : (يا عائشة ! إنه يكتب فيه ملك الموت من يقبض ، فأحب أن لا ينسخ اسمي إلا وأنا صائم) .
رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" (4/436) وفي إسناده أبو بلال الأشعري ضعفه الدارقطني كما في "ميزان الاعتدال" (4/507) ، وفيه أحمد بن محمد بن حميد المخضوب ، أبو جعفر المقرئ ، قال فيه الدارقطني : ليس بالقوي . فالحديث ضعيف جدا .
والحاصل : أنه لم يصح في كثرة الموت في شعبان حديث صحيح .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
يتبع ..
ليلة النصف من شعبان لا تخصص بالعبادة
قرأت في أحد الكتب أن صيام ليلة النصف من شعبان بدعة من البدع ، و قرأت في مصدر آخر أن من الأيام التي يستحب الصيام فيها ليلة النصف من شعبان … ما الحكم القطعي في ذلك ؟ .
الحمد لله
لم يثبت في فضل ليلة النصف من شعبان خبر صحيح مرفوع يعمل بمثله حتى في الفضائل بل وردت فيها آثار عن بعض التابعين مقطوعة و أحاديث أصحها موضوع أو ضعيف جداً و قد اشتهرت تلك الروايات في كثير من البلاد التي يغمرها الجهل من أنها تكتب فيه الآجال و تنسخ الأعمار … إلخ و على هذا فلا يشرع إحياء تلك الليلة و لا صيام نهارها و لا تخصيصها بعبادة معينة و لا عبرة بكثرة من يفعل ذلك من الجهلة ، و الله أعلم .
الشيخ ابن جبرين
فإذا أراد أن يقوم فيها كما يقوم في غيرها من ليالي العام - دون زيادة عمل ولا اجتهاد إضافي ، ولا تخصيص لها بشيء - فلا بأس بذلك ، وكذلك إذا صام يوم الخامس عشر من شعبان على أنه من الأيام البيض مع الرابع عشر والثالث عشر ، أو لأنه يوم اثنين أو خميس إذا وافق اليوم الخامس عشر يوم اثنين أو خميس فلا بأس بذلك إذا لم يعتقد مزيد فضل أو أجر آخر لم يثبت . والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
هل يصوم يوم النصف من شعبان حتى لو كان الحديث ضعيفاً ؟
هل يجوز بعد العلم بضعف حديث أن نأخذ به ؛ وذلك من باب فضائل الأعمال " إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها " علماً أن الصوم نفلاً في تعبد لله وكذلك قيام الليل .
الحمد لله
أولاً :
ما ورد في فضل الصلاة والصيام والعبادة في النصف من شعبان ليس من قسم الضعيف ، بل هو من قسم الموضوع والباطل ، وهذا لا يحل الأخذ به ولا العمل بمقتضاه لا في فضائل الأعمال ولا في غيرها .
وقد حكم ببطلان الروايات الواردة في ذلك جمعٌ من أهل العلم ، منهم ابن الجوزي في كتابه " الموضوعات " ( 2 / 440 - 445 ) ، وابن قيم الجوزية في " المنار المنيف " رقم 174 – 177 ) ، وأبو شامة الشافعي في " الباعث على إنكار البدع والحوادث " ( 124- 137 ) ، والعراقي في " تخريج إحياء علوم الدين " ( رقم 582) ، وقد نقل شيخُ الإسلام الاتفاق على بطلانها في " مجموع الفتاوى " ( 28 / 138 )
وقال الشيخ ابن باز – رحمه الله - : في " حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان "
إن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها وتخصيص يومها بالصيام : بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم ، وليس له أصل في الشرع المطهر .
وقال – رحمه الله - :
ليلة النصف من شعبان ليس فيها حديث صحيح ، كل الأحاديث الواردة فيها موضوعة وضعيفة لا أصل لها ، وهي ليلة ليس لها خصوصية لا قراءة ولا صلاة خاصة ولا جماعة ، وما قاله بعض العلماء أن لها خصوصية : فهو قول ضعيف ، فلا يجوز أن تُخصَّ بشيءٍ ، هذا هو الصواب ، وبالله التوفيق .
" فتاوى إسلامية " ( 4 / 511 ) .
انظر السؤال رقم ( 8907 )
ثانياً :
وإن سلَّمنا أنها ضعيفة وليست موضوعة : فإن الصحيح من أقوال أهل العلم هو عدم الأخذ بالحديث الضعيف مطلقاً وإن كان في فضائل الأعمال والترغيب والترهيب ، وفي الصحيح ما يغني المسلم عن الأخذ بالضعيف ، ولا يُعرف تخصيص هذه الليلة ونهارها بشيء في الشرع لا عند النبي صلى الله عليه وسلم ولا عند أصحابه .
وقال العلاَّمة أحمد شاكر: لا فرقَ بين الأحكام وبين فضائل الأعمال ونحوها في عدم الأخذ بالرواية الضعيفة ، بل لا حجةَ لأحدٍ إلا بما صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث صحيحٍ أو حسنٍ .
" الباعث الحثيث " ( 1 / 278 ) .
وانظر لزيادة البيان " القول المنيف في حكم العمل بالحديث الضعيف " .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 44877 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل ينزل الله إلى السماء الدنيا في ليلة النصف من شعبان ؟
هل ينزل الله إلى سماء الدنيا في نصف شعبان ويغفر لجميع الناس ما عدا اثنين وهما الكافر ، والآخر المشاحن ؟
الحمد لله
هذا في بعض الأحاديث ، لكن في صحة الحديث كلام لأهل العلم ، ولا يصح في فضل ليلة النصف من شعبان أي حديث .
عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن " . رواه ابن ماجه ( 1390 ) .
والمشاحن هو الذي بينه وبين أخيه عداوة .
وفي " الزوائد " : إسناده ضعيف ؛ لضعف عبد الله بن لهيعة ، وتدليس الوليد بن مسلم .
وفي الحديث اضطراب بينه الدار قطني في " العلل " ( 6 / 50 ، 51 ) وقال عنه : " والحديث غير ثابت " .
وروي من حديث معاذ بن جبل وعائشة وأبي هريرة وأبي ثعلبة الخشني وغيرهم ، ولا تخلو طريق من ضعف ، وبعضها شديد الضعف .
قال ابن رجب الحنبلي :
" وفي فضل ليلة نصف شعبان أحاديث متعددة ، وقد اختُلف فيها ، فضعّفها الأكثرون ، وصحّح ابن حبان بعضها " . " لطائف المعارف " ( 261 ) .
ونزول الله تعالى إلى السماء الدنيا ليس خاصاً بليلة النصف من شعبان ، بل ثبت في الصحيحين وغيرهما نزوله تعالى إلى السماء الدنيا في كل ليلة في الثلث الآخر من الليل ، وليلة النصف من شعبان داخلة في هذا العموم .
ولهذا لما سئل عبد الله بن المبارك عن نزول الله تعالى ليلة النصف من شعبان قال للسائل : " يا ضعيف ! ليلة النصف !؟ ينـزل في كل ليلة " .
رواه أبو عثمان الصابوني في " اعتقاد أهل السنة " ( رقم 92 ) .
وقال العقيلي – رحمه الله - :
وفي النزول في ليلة النصف من شعبان أحاديث فيها لين ، والرواية في النزول كل ليلة أحاديث ثابتة صحيحة ، فليلة النصف من شعبان داخلة فيها إن شاء الله .
" الضعفاء " ( 3 / 29 ) .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 8907 ) .
ويوجد في الموقع مقالة للشيخ ابن باز رحمه الله في حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان وهي موجودة في : قسم " مواضيع خاصة بالمناسبات " في الموقع .
الإسلام سؤال وجواب
الموضوع من تجميعي ..
إن وفقت فمن الله تعالى وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان
لا أحلل ولا أبيح النقل دون ذكر المصدر